بقلم الأستاذ محمد العيدني
في خطوة أثارت المزيد من الجدل في الساحة السياسية المغربية، أعلن عبد الإله بنكيران، الأمين العام لحزب العدالة والتنمية، عن تغيير الشعار التقليدي المعروف “من طنجة إلى الكويرة”، الذي يرمز للوحدة الترابية للمغرب. في تصريحاته الأخيرة، دعا بنكيران إلى تبني الشعار الجديد “من طنجة إلى الداخلة”، مشيرًا إلى أن التغيير جاء بسبب عدم وجود الحزب في منطقة “الكويرة”، والتأكيد على أن لا شيء يجري هناك.
يأتي هذا التصريح في وقت حساس تشهد فيه المغرب تحديات متعددة فيما يتعلق بقضية الصحراء، حيث تعتبر هذه القضية محورًا أساسيًا في السياسة المغربية وتؤثر بشكل مباشر على العلاقات الخارجية للمغرب، خاصة مع الجوار الإقليمي والعلاقات الدولية. وقد اعتبر الكثيرون أن الشعار “من طنجة إلى الكويرة” يمثل تعبيرًا قويًا عن الوحدة الوطنية والموقف الثابت للمغرب في الدفاع عن أراضيه.
ورغم أن السياق السياسي في المغرب يحتمل تفسيرات متعددة، فإن تخلي بنكيران عن شعار راسخ في الذاكرة الجماعية للشعب المغربي أثار استغراب العديد من المراقبين. فالشعار لم يكن مجرد كلمات، وإنما كان تجسيدًا لطموحات الدولة المغربية في الحفاظ على السيادة والإرادة الوطنية، خاصةً في ضوء التطورات الأخيرة في المنطقة.
تحمل هذه الخطوة دلالات أوسع، فالحزب الذي يقوده بنكيران كان قد تأثر بشكل كبير بالأحداث السياسية والاجتماعية التي شهدها المغرب، بما في ذلك التغيرات الاقتصادية والتحديات الاجتماعية. وفي وقت كانت فيه البلاد تحاول تعزيز وحدة الصف، جاءت تصريحات بنكيران لتظهر انقسامًا داخليًا قد يؤثر على مصداقية الحزب في أعين ناخبيه.
علاوة على ذلك، من الممكن أن تخلق هذه التصريحات موجة من الانتقادات في الشارع المغربي، حيث يعتبر الكثيرون أن أي تراجع عن الشعارات التي تعبر عن الوحدة الترابية قد يُفهم على أنه تهاون في الدفاع عن المصلحة العليا للبلاد. قد يؤدي ذلك إلى ولادة شعور بالمخاوف لدى المواطنين بشأن استقرار البلاد وموقف حزب العدالة والتنمية من القضايا الوطنية الحيوية.
في النهاية، يبقى تساءل مهم: هل ستكون هذه التصريحات نقطة تحول في موقف حزب العدالة والتنمية تجاه قضايا الوحدة الترابية، أم هي مجرد زوبعة في فنجان ستتلاشى وسط مشهد سياسي متقلب؟ الأيام القادمة ستكون كفيلة بالإجابة عن هذا التساؤل بما ستؤول إليه ردود الفعل من داخل الحزب وخارجه