في خطوة أثارت جدلاً واسعاً في الساحة السياسية المغربية، أعلنت وزارة الداخلية عن رفضها منح الترخيص لتأسيس حزب سياسي جديد، مؤكدة أن هذا القرار جاء استناداً إلى خروقات قانونية مرتبطة بتأسيس الأحزاب. القرارُ أثار ردود فعل مختلطة في الأوساط السياسية، حيث عُدَّ بمثابة اختبار لحرية العمل السياسي في البلاد.
الوزير المكلف بالداخلية، وفي بيان رسمي، أوضح أن طلب الترخيص المقدّم من المجموعة المعنية لم يستوف الشروط القانونية المنصوص عليها في قانون الأحزاب السياسية. وبيّن أن وجود مخالفات جسيمة تتعلق بالنظام الداخلي للحزب، بالإضافة إلى عدم توفر تمثيلية حقيقية تعكس آراء ومصالح المجتمع، كان من بين الأسباب الرئيسية التي أدت إلى اتخاذ هذا القرار.
إثر ذلك، لجأ المعنيون بالأمر إلى المحكمة الإدارية للطعن في قرار الداخلية، إلا أن المحكمة أيدت القرار، مؤكدة أن الوزارة تصرفت ضمن سلطاتها التقديرية. وأشارت المحكمة في حيثيات حكمها إلى أن الغاية من قانون الأحزاب هي تنظيم الحياة السياسية، وضمان توازن القوى، ما يستدعي تقيد الاحزاب بكافة القوانين والشروط المحددة. هذا الحكم يُبرز ضرورة احترام الإجراءات القانونية، حيث وجد القضاة أن المساعي لتأسيس الحزب المذكور كانت مأخوذة في ظل ظروف قانونية تُشوبها عدة عيوب.
ردود الفعل على هذا القرار كانت متفاوتة. فبينما اعتبره البعض خطوة إيجابية تمس بالشفافية وتضمن حماية الفضاء السياسي من التحالفات غير المشروعة، اعتبر آخرون أن ذلك يعكس قيوداً مُبالغ فيها على الحياة السياسية ويفتقر إلى السياق الداعم للحرية النقابية والسياسية. العديد من الناشطين والمراقبين في المجال السياسي دعوا إلى إعادة النظر في القوانين المتعلقة بإنشاء الأحزاب لضمان سهولة الإجراءات وعدم المبالغة في القيود.
من جهتها، أكدت بعض الأحزاب السياسية المخالفة أن هذه القرارات تأتي في وقت يتطلع فيه المواطنون إلى تجديد الطبقة السياسية والبروز الحزبي. داعين إلى ضرورة تسريع الإصلاحات السياسية التي من شأنها تشجيع المواطن على الانخراط في العمل الحزبي والمساهمة في بناء الديمقراطية.
إن موضوع تأسيس الأحزاب والتوجه السياسي في المغرب يُعتبر من القضايا الحساسة التي تحتاج إلى نقاش شامل وعميق. فبينما يجب على الأحزاب الالتزام بالقوانين والأنظمة المعمول بها، ينبغي أيضاً أن تُمنح الفرص للجميع للتعبير عن آرائهم وتحقيق طموحاتهم السياسية. يبقى أن نرى كيف ستتطور الأمور بعد هذا القرار وما إذا كان سيؤدي إلى تغييرات إيجابية في طريقة الاحتفاء بالأحزاب السياسية والتفاعل مع قضايا المجتمع