مع اقتراب المناسبات الدينية الكبرى مثل شهر رمضان الكريم وعيد الأضحى، تصبح الأسواق المغربية مسرحاً لصراعات تجارية محتدمة، حيث تسيطر اللوبيات الخفية على الساحة الاقتصادية لتحقيق أرباح خيالية. يتجسد هذا الاستغلال في ارتفاع الأسعار بشكل ملحوظ، وترويج منتجات ذات جودة متدنية، مما يضع المستهلك المغربي في موقف حرج ويؤثر سلباً على القدرة الشرائية.
تستغل هذه اللوبيات المشاعر الدينية لدى المواطنين، حيث يلجأ الكثيرون إلى شراء مستلزمات الشهر الفضيل أو لوازم عيد الأضحى، متوقعين الحصول على عروض تحفيزية تناسب الأجواء الاحتفالية. لكن الواقع يظهر أن بعض التجار يفضلون استغلال هذه المناسبات لتحقيق أرباح طائلة، مما يُبرز هشاشة آليات الرقابة التجارية في مثل هذه الفترات. وتكون النتيجة زيادة غير مبررة في الأسعار التي تفرضها بعض الأسواق، مما يؤدي إلى تفاقم معاناة الأسر ذات الدخل المحدود.
في مواجهة هذه الظاهرة، تسعى الحكومة المغربية جاهدة إلى اتخاذ مجموعة من التدابير للحد من تجاوزات الأسعار وضمان حماية المستهلك. فقد أطلقت وزارة الصناعة والتجارة سياسة رقابية صارمة تستهدف محاربة الغش والتحايل، من خلال تكثيف لجان المراقبة التي تجوب الأسواق لضبط أسعار المواد الغذائية والأساسية. كما تم تعزيز آليات الشكاوى والاستجابة لملاحظات المواطنين حول أساليب البيع غير المشروعة.
إضافةً إلى ذلك، تبنت الحكومة استراتيجيات توعوية تهدف إلى تحسيس المستهلكين بحقوقهم، حيث يتم نشر تقارير دورية وإعلانات تحذيرية حول مظاهر الغش التجاري، ولجوء بعض التجار إلى أساليب غير قانونية لتعزيز مبيعاتهم. كما تم تطوير منصات رقمية تُعنى بتعزيز الشفافية في الأسعار، مما يتيح للمستهلكين مقارنة الأسعار قبل الشراء.
على الرغم من هذه الجهود، تبقى التحديات كبيرة. فممارسات الاحتكار واللوبيات الخفية تستدعي تكثيف الجهود الحكومية وتوفير موارد إضافية لمكافحة هذه الظاهرة. يجب أن يظل الأمن الغذائي ورفاه المواطن في صميم السياسات الحكومية. لذا، فإنه من الضروري الاستمرار في تعزيز الرقابة على الأسواق والتأكيد على نزاهة التجارة، ليتمكن المواطنون من الاحتفال بمناسباتهم الدينية في أجواء من الأمان والعدالة الاقتصادية.
في النهاية، تبقى مهمة محاربة استغلال المناسبات الدينية وظيفة مستمرة تتطلب تضافر جهود كافة الأطراف، بما فيها الحكومة، المنظمات غير الحكومية، والمواطنين. فكلما زادت الوعي والمشاركة المجتمعية، تمكنت البلاد من التصدي لأية ممارسات غير أخلاقية تسعى إلى تحويل الأجواء الاحتفالية إلى فرص للربح السريع على حساب المجتمع.