في زمن تشتد فيه الأزمات الاقتصادية، يُعاني المواطن المغربي من غلاوة الأسعار التي تترك بصماتها على جميع جوانب الحياة اليومية. تعيش السوق المحلية حالة من الفوضى والتضخم، لا سيما في أسعار الدجاج والبيض، وهما من المواد الغذائية الأساسية التي تستهلكها الأسر بكثرة.
لقد أصبح من المتعارف عليه أن يتزامن ارتفاع الأسعار مع المناسبات الدينية، حيث يترقب المواطنون هذه الأحداث بقلق عميق، ولا يخفى على أحد أن هناك جهات معينة تستغل تلك الفروقات لأغراض تحقيق أرباح طائلة.
تشير المعطيات إلى أن ارتفاع الأسعار ليس حالة عابرة، بل تكشف عن وجود “لوبي خفي” قد يكون وراء احتكار هذه السلع. إن العديد من البائعين قد اتخذوا من غياب الرقيب فرصة لزيادة الهوامش الربحية، دون أي اعتبار لعواقب ذلك على المواطن البسيط. وبدلاً من أن تكون السوق مكاناً لمنافسة عادلة تضمن للجميع حقوقهم، تسود فيه ممارسات احتكارية تتعارض مع مبادئ السوق الحرة.
الخطورة تكمن في أن هذا الوضع يخلق نوعاً من عدم الاستقرار الاجتماعي، حيث تتزايد الفجوة بين الأثرياء والفقراء.
ومع تفشي ظاهرة الاستغلال، تتوارد الأسئلة حول دور الحكومة والسلطات المختصة في حماية المستهلك والحد من هذه الممارسات.
لقد أصبحت الحاجة ملحة لتوظيف آليات رقابية فعالة تضمن سلامة الأسواق، والقضاء على أي نوع من الاحتكار الذي قد يضر بالمصالح العامة.
إن الاقتصاد المغربي لا يمكنه أن يتحمل المزيد من هذه الضغوط.
يتطلب الأمر من السلطات اتخاذ إجراءات فعالة وسريعة، تتضمن التشدد في تطبيق القوانين ومعاقبة المخالفين الذين يستغلون حاجة الناس في أوقات الضرورة.
يتوجب علينا كدولة أن نعي أن حماية المستهلك ليست مجرد مسؤولية اقتصادية، بل هي واجب أخلاقي واجتماعي يتعين على الجميع الالتزام به.
ونحن نتطلع إلى مستقبل أفضل، يجب أن نسأل أنفسنا:
كيف يمكننا بناء نظام غذائي أكثر استقراراً ومرونة؟ إن تحقيق ذلك يتطلب التعاون بين جميع الأطراف:
الحكومة، الشركات، والمجتمع المدني. يجب أن نرسم رؤية مشتركة تهدف إلى تحقيق توازن بين حقوق المستهلكين واحتياجات المنتجين، بما يضمن أن تبقى المواد الغذائية الأساسية متاحة وبأسعار معقولة.
هذه الأزمة تعد فرصة لرسم خريطة جديدة للمستقبل، حيث تعيد النظر في الآليات المتبعة وتعيد الهيكلة اللازمة لضمان العدالة الاقتصادية للجميع.
إن العمل الجاد والمستمر من قبل السلطات والمجتمع بأسره هو السبيل الوحيد لضمان استقرار الأسعار وحماية جيوب المواطنين، الذين يواجهون تحديات يومية في سعيهم لتحقيق حياة كريمة.