خلّد التاريخ العسكري المغربي صفحة مشرّفة في حرب أكتوبر 1973، حين شاركت التجريدة المغربية ضمن الجبهة السورية في معارك هضبة الجولان، بقيادة الجنرال عبد السلام الصفريوي، مجسّدة أسمى معاني الشجاعة والانضباط والإقدام في وجه جيش الاحتلال الإسرائيلي.
وصلت القوات المغربية إلى مدينة اللاذقية يوم 9 يونيو 1973، حيث حظيت باستقبال حار من الشعب السوري والقيادة العسكرية آنذاك، قبل أن تتوجه إلى مواقعها الدفاعية في هضبة الجولان استعدادًا لخوض المعارك إلى جانب الجيوش العربية.
ومع اندلاع المواجهات، أبان الجنود المغاربة عن كفاءة قتالية عالية، إذ تمكنوا من تحقيق تقدم سريع وصدّ هجمات إسرائيلية شرسة، مكوّنين سدًّا منيعًا على سفوح جبل الشيخ ومرتفعات “هرمون”، ليحولوا دون تقدم العدو نحو دمشق.
ورغم تواضع العتاد، قاتل المغاربة بشجاعة أسطورية. فقد تقدمت فصائل راجلة بأسلحة خفيفة ومدافع “بازوكا” لمواجهة فيالق مدرعة إسرائيلية مدججة، وتمكنوا من تحطيم دبابات العدو وإرباك صفوفه في معارك مباشرة أثارت إعجاب حتى الخصوم.
غير أن الخيانة العسكرية التي طالتهم من بعض القادة السوريين حينها قلبت موازين المعركة، بعدما تُرك الجنود المغاربة دون غطاء جوي، فبينما غابت طائرات “الميغ” السورية، ظهرت طائرات العدو من نوعي “ميراج” و“إف 5” لتقصف مواقع الأبطال المغاربة، موقعة عشرات الشهداء في صفوفهم.
ومع اشتداد الحصار حولهم من قبل القوات الإسرائيلية، رفض المغاربة الاستسلام رغم النداءات عبر مكبرات الصوت التي طالبتهم بإلقاء السلاح، مفضلين الموت بشرف على الحياة بعار. لقد دافعوا عن مواقعهم حتى الرمق الأخير، وفُقد عدد منهم في مناطق مجهولة من هضاب الجولان الوعرة.
وقد شهد المشاركون في تلك المعارك، ومنهم ضباط مغاربة وعراقيون، أن تدخل سلاح الجو العراقي كان له الفضل في تجنب إبادة كاملة للتجريدة المغربية، التي ظلت رمزًا للوفاء العربي والبطولة الخالصة في معركة لم ترو تفاصيلها كما تستحق.
ختامًا، تبقى ملحمة الجولان شهادة خالدة على بطولة الجنود المغاربة الذين كتبوا بدمائهم صفحة من أنصع صفحات المجد، مؤكدين أن راية المملكة ستظل مرفوعة حيثما دُعي إلى الشرف والدفاع عن الحق.
المجد والخلود لشهداء المغرب الأبرار، والتحية الخالصة لأبطال الجولان 1973.