تعيش مدينة فاس في الآونة الأخيرة على وقع فوضى عارمة تسببت فيها الدراجات النارية التي باتت تجوب شوارع المدينة وأزقتها بسرعة مفرطة، وبدون احترام لأبسط قوانين السير والجولان. فظاهرة الدراجات النارية لم تعد مجرد وسيلة نقل اقتصادية، بل تحولت إلى مصدر إزعاج وخطر حقيقي يهدد سلامة المواطنين ويشوه صورة المدينة العريقة.
ففي كل شارع تقريباً، يمكن ملاحظة عشرات المخالفات يومياً: سائقون دون خوذات واقية، تجاوزات خطيرة في الاتجاه المعاكس، نقل ثلاثة أشخاص أو أكثر على الدراجة الواحدة، إضافة إلى استعمال هذه الوسيلة في أنشطة مشبوهة أحياناً، كحالات السرقة بالنشل أو الفرار من الحوادث المرورية. ورغم كل ذلك، يلاحظ المواطن غياباً شبه تام للمراقبة الميدانية، وكأن المدينة تُركت لتدبير فوضاها بنفسها.
العديد من ساكنة فاس أعربوا عن استيائهم من هذه الوضعية، مطالبين السلطات المحلية والأمنية بالتدخل العاجل لإعادة النظام إلى الفضاء الطرقي، خصوصاً في المناطق ذات الكثافة المرورية العالية مثل شارع الحسن الثاني، طريق صفرو، بنسودة، باب الفتوح، ووسط المدينة الجديدة، حيث تتفاقم مظاهر الفوضى بشكل يومي.
ويعتبر خبراء السلامة الطرقية أن غياب الوعي المدني لدى بعض الشباب، إلى جانب ضعف المراقبة القانونية وتراخي الأجهزة المختصة في تطبيق القوانين، كلها عوامل ساهمت في اتساع رقعة الظاهرة. كما أن عدداً من الدراجات المستعملة لا تتوفر على وثائق قانونية أو لوحات ترقيم، مما يجعل تتبعها في حال ارتكاب مخالفات أمراً شبه مستحيل.
ويرى متتبعون أن الوضع الحالي يتطلب خطة استثنائية تجمع بين التوعية والمراقبة والزجر، تشمل حملات تحسيسية في المؤسسات التعليمية، وتشديد المراقبة في الشوارع الرئيسية، مع فرض عقوبات صارمة على كل من يستهتر بحياة الناس ويحول الطرق إلى فضاءات للفوضى والتحدي.
ففاس، التي كانت يوماً منارة للعلم والتحضر والنظام، لا تستحق أن تعيش تحت رحمة فوضى الدراجات النارية التي حولت شوارعها إلى مشاهد من الفوضى اليومية. ويبقى السؤال المطروح بإلحاح: إلى متى سيستمر هذا الصمت؟ ومتى ستتحرك السلطات لوقف هذه المهزلة؟