أطلقت وزارة الداخلية حملة واسعة وغير مسبوقة لتفعيل مقتضيات القانون التنظيمي المتعلق بالجماعات، تستهدف منتخبين جماعيين “أشباح” متغيبين عن حضور دورات المجالس الترابية. وكشفت مصادر مطلعة أن مراسلات صارمة بدأت تتوارد على مكاتب رؤساء الجماعات في عدة جهات، منها الدار البيضاء-سطات، مراكش-آسفي، وبني ملال-خنيفرة، تحث على تطبيق إجراءات الإقالة في حق المستشارين المتغيبين منذ بداية الولاية الحالية في عام 2021.
ووفقًا للمصادر، جاءت هذه التحركات بناءً على تعليمات مركزية صارمة، وبعد تلقي الإدارة المركزية تقارير افتحاص لمحاضر دورات مجالس جماعية، كشفت عن غيابات غير مبررة لأعضاء وتجاهل رؤساء المجالس لتطبيق المقتضيات القانونية ذات الصلة. وتضمنت المراسلات الصادرة عن عمال العمالات والأقاليم طلبات لرؤساء الجماعات بتقديم لوائح مفصلة تتضمن عدد وتواريخ الدورات التي غاب فيها المستشارون دون أعذار مقبولة، والإجراءات المتخذة حيالهم.
إقالات مرتقبة تثير ارتباكًا قبيل الاستحقاقات
وتشير المصادر إلى أن الأشهر القليلة المقبلة ستشهد موجة إقالات واسعة قد تطال منتخبين من الأغلبية والمعارضة على حد سواء، مما قد يحدث ارتباكًا في تركيبة المجالس الجماعية مع اقتراب نهاية الولاية الحالية وحلول موعد الاستحقاقات الانتخابية. وأفادت التقارير المرفوعة للوزارة بأن عددًا من المجالس يواجه صعوبات في استكمال النصاب القانوني لعقد دوراتهم منذ بداية العام الجاري، بسبب الغيابات المتكررة لأعضائها، وسط شبهات حول تستر رؤساء على هذه الظاهرة.
مقتضيات قانونية واضحة ومساءلة حازمة
وتنص المادة 67 من القانون التنظيمي 113.14 المتعلق بالجماعات بوضوح على إلزامية حضور أعضاء مجلس الجماعة للدورات. ويعتبر العضو مقالًا بحكم القانون إذا تغيب دون مبرر مقبول عن ثلاث دورات متتالية أو خمس دورات غير متتالية. وتلزم المادة رئيس المجلس بمسك سجل للحضور والإعلان عن أسماء الغائبين في بداية كل دورة، مع إرسال نسخة من السجل إلى عامل العمالة أو الإقليم خلال خمسة أيام من انتهاء الدورة، وإخطاره بحالة الإقالة إذا تحققت شروطها. ويتم بعد ذلك عرض الأمر على المجلس لمعاينة الإقالة واتخاذ القرار المناسب، مع الإشارة إلى أن قبول الأعذار يخضع لقرار المجلس، ويمكن الطعن في الإجراء أمام القضاء الإداري في حال خرق المسطرة.
شكاوى المعارضة وافتحاص التعويضات
وتلقّت المصالح المركزية شكاوى من أعضاء في المعارضة بمجالس جماعية، تفيد بتفاقم مشكل تغيب المنتخبين واستمرارهم في تقاضي تعويضاتهم الشهرية دون حضور الدورات أو الإشراف على القطاعات المفوضة إليهم. وأكدت التقارير الأولية تحديد هوية رؤساء جماعات مخالفين وانتماءاتهم الحزبية، وكشفت عن اختلالات في صرف تعويضات لمنتخبين “أشباح”، مما أثر بشكل كبير على ميزانيات الجماعات.
ويرتقب أن تعقب المراسلات الجديدة مهام افتحاص من لجان مركزية، ستركز بشكل خاص على أوامر صرف التعويضات الشهرية لأعضاء، وتعويضات أخرى عن تنقلات ومهام يُشكك في صحتها، بعد ورود معلومات حول صورية بعضها. وتجدر الإشارة إلى أن لجان تفتيش مركزية كانت قد حلت بعدد من الجماعات خلال الأشهر الماضية، وضمّنت تقاريرها ملاحظات مهمة بخصوص تورط جماعات في عدم ضبط سجلات حضور وغياب المنتخبين، وتجاوز رؤساء مجالس لتفعيل المقتضيات القانونية الخاصة بعزلهم وتجريدهم من العضوية.