شرعت مدينة فاس في خطوات عملية للقضاء على الروائح الكريهة المنبعثة من المطرح العمومي للنفايات، في خطوة بيئية وصحية هامة، بعد اعتماد مشروع كلف ميزانية إجمالية تصل إلى 20 مليون درهم (2 مليار سنتيم). ويأتي هذا المشروع ضمن سلسلة مبادرات تهدف إلى تحسين جودة الهواء وحماية صحة السكان، بعد ورش إعادة استعمال المياه العادمة الذي خصص له غلاف مالي يقدر بـ20 مليار سنتيم.
وصادق مجلس جماعة فاس، خلال دورته العادية المنعقدة يوم الثلاثاء الماضي، على هذا المشروع الطموح، الذي سيُنجز في إطار اتفاقية التدبير المفوض بين الجماعة والشركة الجهوية متعددة الخدمات فاس–مكناس، والتي ستتكفل بتنفيذ برنامج متكامل لمعالجة الانبعاثات الغازية الصادرة عن المطرح، الواقع على بعد أقل من خمسة كيلومترات عن المركز الاستشفائي الجامعي الحسن الثاني.
ويعد المطرح، الذي بدأ العمل به سنة 2004 على مساحة 110 هكتارات، الوجهة اليومية لما يقارب ألف طن من النفايات الصلبة. وقد كان المشروع في بداياته نموذجياً في مجال تثمين الطاقة واستغلال غاز الميثان، إلا أن تراكم العصارة الناتجة عن تسرب المياه عبر النفايات أدى إلى انتشار الروائح الكريهة، الأمر الذي أثار استياء السكان وحول المطرح إلى مصدر إزعاج دائم.
ويتضمن المشروع تنفيذ أعماله على مرحلتين:
المرحلة الأولى: تركيب نظام متطور لمعالجة الروائح، بكلفة 2.5 مليون درهم.
المرحلة الثانية: استغلال وتشغيل هذه المنشآت لمدة ثلاث سنوات بعد التسليم المؤقت، بكلفة 17.5 مليون درهم.وسيتم توفير العقار اللازم للشركة من قبل جماعة فاس، مع اعتماد مسطرة تفاوضية لتسريع إنجاز المشروع، بالنظر إلى الأهمية البيئية والصحية الاستعجالية له.
ويعكس هذا المشروع حرص السلطات المحلية على حماية البيئة ورفع جودة الخدمات المقدمة للساكنة، في سياق توجه شامل نحو تدبير نفايات مستدام وفعّال، يواكب النمو السكاني والتحولات الحضرية بالمدينة. كما يُبرز المشروع قدرة الجماعة على توظيف الشراكات العمومية-الخاصة لتحقيق أهداف بيئية وصحية واقتصادية، بما يضمن حماية السكان والمحيط البيئي في آن واحد.
ويؤكد خبراء البيئة والمراقبة الصحية أن هذه المبادرة تمثل نموذجاً يحتذى به في المغرب للتعامل مع المطامر العمومية الكبيرة، من خلال التركيز على التكنولوجيا الحديثة لمعالجة الروائح والانبعاثات الغازية، بالإضافة إلى استدامة التشغيل والصيانة وفق معايير بيئية صارمة.
ومع الانطلاق الفعلي لهذا المشروع، تتجه فاس نحو القطع مع المعاناة البيئية لسكان المناطق المجاورة للمطرح، مع تعزيز قدرة المدينة على التوفيق بين الحفاظ على البيئة، الصحة العامة، والتنمية الحضرية المستدامة.