كشفت فاعلات وفاعلون حقوقيون وسياسيون عن معالم إستراتيجية دبلوماسية جديدة تنتهجها الجزائر لإقحام ملف الصحراء المغربية في علاقاتها الثنائية، آخرها ما رافق الإعلان المشترك مع سلوفاكيا خلال دجنبر الجاري، حيث روّجت منصات إعلامية جزائرية لمحاولة إعادة طرح خيار الاستفتاء رغم وضوح القرارات الأممية، وخاصة قرار مجلس الأمن رقم 2797 الذي شدد على الحل السياسي الواقعي والدائم.
وفي هذا الإطار أوضحت مينة لغزال، منسقة تحالف المنظمات غير الحكومية الصحراوية، أن الجزائر تعمل على إدراج الملف بشكل منهجي خلال افتتاح السفارات وعقد شراكات دبلوماسية جديدة، مستغلة إعادة فتح البعثة الدبلوماسية السلوفاكية سنة 2025 لفرض سرديتها حول النزاع. وأضافت أن الجزائر تحاول ربط القضية الفلسطينية بملف الصحراء لكسب شرعية إضافية في المنتديات الدولية، معتبرة هذا النهج محاولة غير مقبولة تستدعي يقظة المجتمع الدولي.
ومن جهته أكد الباحث في التاريخ المعاصر دداي بيوط أن الجزائر تسعى لإفشال جهود المغرب والأمم المتحدة الهادفة إلى إيجاد حل سياسي قائم على قاعدة “لا غالب ولا مغلوب”، بينما تواصل التمسك بخطاب تصفية الاستعمار رغم التحولات الدولية المتسارعة. وأبرز أن المكاسب الدبلوماسية المغربية، وعلى رأسها اعتراف الولايات المتحدة سنة 2020 ودعم فرنسا لمبادرة الحكم الذاتي سنة 2024، أربكت الحسابات الجزائرية التي تعتمد على الضغط السياسي والاقتصادي للحفاظ على دعم بعض الدول.
ومع ذلك يشير بيوط إلى أن هذه المناورات تواجه تحديات متنامية بفعل اتساع التأييد الدولي للمبادرة المغربية، ما يزيد من عزلة الموقف الجزائري ويدفعه إلى خطوات تصعيدية كالتي ظهرت في تعليق معاهدة الصداقة مع إسبانيا واستدعاء السفراء وقطع العلاقات مع المغرب.
ويخلص المتابعون إلى أن التحولات الجيوسياسية الجارية تمنح المغرب زخما دبلوماسيا متزايدا، فيما تعتمد الجزائر على ردود فعل ظرفية لا تنتج تأثيرا إستراتيجيا فعليا، وهو ما يرسخ موقع المملكة كفاعل رئيسي في حل النزاع الإقليمي.
