الأبعاد الاجتماعية والدينية
من الناحية الاجتماعية، يُعد توفير حياة كريمة للمتقاعدين دليلًا على رقي المجتمع ووعيه بحقوق أفراده. فإهمال هذه الفئة يعني إخفاقًا في تحقيق العدالة الاجتماعية. أما من المنظور الديني، يُعتبر الاعتناء بالمتقاعدين عملاً صالحًا، حيث يُعد تكريمهم واجبًا إنسانيًا وأخلاقيًا يعكس الاحترام لمساهماتهم في خدمة الوطن والمجتمع.
يظل المتقاعد المغربي، وبخاصة من خدموا في القوات المسلحة الملكية، ضحية لسياسات اقتصادية تُركز على قطاعات بعينها بينما تتجاهل شريحة كبيرة من المجتمع، والتي تستحق تقديرًا أكبر بعد سنوات من التضحية والعطاء. لتحقيق العدالة الاجتماعية، يجب تبني إصلاح شامل في قانون التقاعد، يشمل جميع الفئات، مع الأخذ بعين الاعتبار خصوصية المتقاعدين العسكريين الذين قدموا وطنهم الكثير، والذين يحتاجون إلى نظام يحترم حقوقهم ويضمن لهم حياة كريمة في سنوات الشيواجه المتقاعد المغربي، خصوصًا أفراد القوات المسلحة الملكية الذين تم إحالتهم على التقاعد في سنوات 1980 و1988، تحديات مالية واجتماعية خطيرة في ظل الإعلان عن مشروع قانون مالية 2026. رغم تخصيص الحكومة لمبالغ ضخمة لصالح الرياضة وصناعة كرة القدم، وبيع عقارات الدولة بمبالغ تجاوزت 120 مليار درهم، فإن المعاش التقاعدي لهذه الفئة من المواطنين لا يزال بعيدًا عن أي إصلاح حقيقي.
ففي الوقت الذي تقدم فيه العديد من الحكومات حول العالم حلولًا مالية مرنة تسمح بزيادة المعاشات توازيًا مع ارتفاع الأسعار والأزمات الاقتصادية، يتعرض المتقاعد المغربي لظروف قاسية، في ظل غياب نظام فعال للزيادة في المعاشات بما يتلاءم مع التضخم. يصف الخبير الاقتصادي محمد بنموسى ما يسمى بـ “إعفاء المعاشات من الضريبة” بأنه مجرد “خدعة”، حيث أن 90٪ من المتقاعدين لا يخضعون أصلاً لهذه الضريبة، مما يجعل هذه الخطوة شكلية أكثر منها عملية.
وضع متقاعدي القوات المسلحة الملكية
لا تقتصر معاناة المتقاعدين على الفئات الدنيا والمتوسطة، بل يمتد تأثيرها بشكل خاص إلى أفراد القوات المسلحة الملكية الذين أحيلوا على التقاعد في سنوات الثمانينيات، وخاصة بين 1980 و1988. فبينما قدم هؤلاء الجنود والوحدات العسكرية سنوات طويلة من الخدمة والتضحية في سبيل الوطن، يجدون أنفسهم اليوم تحت رحمة معاشات هزيلة، لا تكاد تفي باحتياجاتهم اليومية، ولا تعكس الجهود والتضحيات التي بذلوها.
مطالب المتقاعدين والحلول المقترحة
طالبت الشبكة المغربية لهيئات المتقاعدين منذ فترة طويلة بتطبيق نظام السلم المتحرك للمعاشات، الذي يضمن زيادة المعاشات بشكل يتناسب مع الارتفاع المستمر للأسعار، ويعزز القدرة الشرائية للمتقاعدين. كما دعت الشبكة إلى زيادة المعاشات بما لا يقل عن 2000 درهم، وضمان تغطية صحية شاملة، وتمكين الأرامل من الحصول على معاش كامل عن زوجهن، إلى جانب زيادة تعويضات التطبيب والأدوية. وشددت الشبكة على ضرورة تنفيذ الاتفاقيات السابقة، مثل اتفاق 26 أبريل 2011، وتطبيق الحلول العاجلة للملفات العالقة للمتقاعدين.
