يواصل المغرب ترسيخ حضوره الدولي بثبات محسوب في ظل تحولات عميقة تعيد تشكيل موازين القوة العالمية، حيث يتجه النظام الدولي نحو تعددية أقطاب تتراجع فيها المبادرة الأوروبية مقابل صعود أدوار الولايات المتحدة والصين وروسيا، ما يفتح هوامش جديدة أمام قوى متوسطة ذات رؤية استراتيجية واضحة.
وفي هذا السياق، يتحرك المغرب بدبلوماسية هادئة تجمع بين الشرعية التاريخية والواقعية السياسية، مستثمراً موقعه الجغرافي الفريد واستقراره المؤسساتي لبناء دور توازني يجعله شريكاً موثوقاً في محيط متوتر، خصوصاً في الفضاءين المتوسطي والأفريقي.
ومن جهة أخرى، تعزز المملكة موقعها عبر إصلاحات بنيوية متدرجة شملت البنية التحتية، والتحول الطاقي، والرقمنة، والأمن، ما مكنها من رفع جاذبيتها الاقتصادية وتثبيت صورتها كقطب استقرار في منطقة تعاني من هشاشة مزمنة.
وفي الوقت ذاته، ينسج المغرب شبكة علاقات متوازنة مع مختلف الأقطاب الدولية، محافظاً على شراكته مع أوروبا، ومنفتحاً على الولايات المتحدة والصين، ومعمقاً حضوره في أفريقيا، في مقاربة تقوم على التعاون رابح–رابح وتجنب منطق المحاور الحادة.
وبذلك، يراكم المغرب موقعه كفاعل صاعد لا ينتظر إعادة تشكيل النظام العالمي، بل يشارك فيها بهدوء وبصيرة، محولاً الاضطراب الدولي إلى فرصة استراتيجية تعزز نفوذه ودوره في القرن الحادي والعشرين.
