تراهن الحكومة الإسبانية على نجاح الوساطة الأمريكية لإنهاء القطيعة الدبلوماسية بين المغرب والجزائر، أملا في إعادة تحريك مسار التعاون المغاربي المتعثر، واستعادة دينامية إقليمية ظلت مجمدة لسنوات بفعل الخلافات السياسية، وفي مقدمتها نزاع الصحراء.
وفي هذا السياق، أفادت تقارير إعلامية دولية، نقلا عن مصادر دبلوماسية قريبة من دوائر القرار في إسبانيا، بأن مدريد تتابع عن كثب التحركات الأمريكية الرامية إلى تقريب وجهات النظر بين المغرب و**الجزائر**، معتبرة أن نجاح هذا المسار من شأنه تخفيف التوتر الإقليمي وفتح آفاق تعاون جديدة، خاصة في المجال الطاقي.
ويرتبط هذا الرهان الإسباني، وفق المصادر ذاتها، بإمكانية استعادة العمل بأنبوب الغاز المغاربي الأوروبي المار عبر التراب المغربي، والذي توقف منذ نهاية سنة 2021، في أعقاب قرار جزائري بعدم تجديد عقده، في ظل الأزمة الدبلوماسية مع الرباط.
وفي المقابل، عبّرت مدريد عن ارتياح نسبي بعد صدور قرار مجلس الأمن الدولي رقم 2797، الذي أعاد التأكيد على الإطار الأممي لتسوية نزاع الصحراء، معتبرة أن هذا التطور يخفف من ثقل الملف على علاقاتها الثنائية مع الجزائر، ويمنح زخما إضافيا للمساعي الدبلوماسية الجارية.
ومن جهة أخرى، أكدت مينة لغزال، منسقة تحالف المنظمات غير الحكومية الصحراوية، أن قرار الجزائر وقف العمل بأنبوب الغاز كانت له انعكاسات إقليمية واسعة، لم تقتصر على المغرب، بل امتدت إلى إسبانيا، التي تكبدت كلفة طاقية مرتفعة نتيجة فقدان سعة هذا الخط، وتزايد اعتمادها على واردات الغاز الطبيعي المسال في سوق دولية مضغوطة.
وأضافت المتحدثة أن المغرب، بالموازاة مع ذلك، يواصل الدفع بمشروعه الاستراتيجي لخط أنابيب الغاز بين المغرب ونيجيريا، بما يعزز أمنه الطاقي ويفتح آفاقا بديلة لإمداد أوروبا، بعيدا عن التقلبات السياسية المرتبطة بالجزائر.
وفي الاتجاه ذاته، اعتبر عبد الوهاب الكاين، رئيس منظمة “أفريكا ووتش”، أن التحول الذي طرأ على الموقف الإسباني سنة 2022، بدعم مبادرة الحكم الذاتي المغربية، كان عاملا حاسما في توتر علاقات مدريد بالجزائر، لكنه في المقابل أعاد ترتيب أولويات السياسة الخارجية الإسبانية، في انسجام مع الشرعية الدولية.
وأكد الكاين أن أي عودة محتملة لتدفق الغاز عبر الأنبوب المغاربي تبقى رهينة بمدى نجاح الدبلوماسية الأمريكية في تليين المواقف الجزائرية والانخراط في مسار تفاوضي جدي، بما قد يفتح الباب أمام انفراج سياسي واقتصادي يخدم مصالح المنطقة وأوروبا.
