كشف إعلان حركة تقرير المصير في القبائل “ماك” والحكومة القبائلية في المنفى “أنافاد”، في 14 دجنبر الجاري، عن استقلال جمهورية القبائل الاتحادية، عن تطور سياسي غير مسبوق هزّ الداخل الجزائري، وأعاد إلى الواجهة تداعيات عقود من توظيف النظام الجزائري لخطاب الانفصال في الصحراء المغربية.
وفي هذا السياق، لم يمر الإعلان دون أن يفضح تناقضات الخطاب الرسمي الجزائري، إذ وجدت النخب السياسية والحزبية نفسها مضطرة للدفاع عن مفاهيم الوحدة الترابية والسيادة الوطنية، بعدما ظلت لسنوات تروّج لشعار “تقرير المصير” خارج حدودها، ما أثار تساؤلات واسعة حول مصداقية هذه المواقف وحدودها السياسية.
وفي تفاعل مباشر مع الحدث، اعتبر حزب حركة مجتمع السلم أن إعلان استقلال القبائل مسعى مشبوه يمس وحدة الجزائر وسيادتها، واصفًا الخطوة بالخيانة لتضحيات الجزائريين، ومؤكدًا أن ما جرى لا يعكس إرادة سكان المنطقة، بل يخدم أجندات خارجية تسعى إلى زعزعة استقرار البلاد.
وبالتوازي مع ذلك، شدد فاتح بوطبيق، رئيس حزب جبهة المستقبل، خلال تجمع حزبي بولاية تيزي وزو، على أن الوحدة الترابية خط أحمر لا يقبل المساومة، مبرزًا أن منطقة القبائل كانت ولا تزال جزءًا أصيلًا من التاريخ النضالي الجزائري، وأن محاولات التفكيك ستصطدم بإرادة الشعب.
ومن جهته، أكد يوسف عوشيش، رئيس حزب جبهة القوى الاشتراكية، أن الانفصال لا يندرج في خانة حرية الرأي، بل يشكل خيانة عظمى، مشددًا على أن التنوع الثقافي واللغوي عنصر قوة ووحدة، لا مدخلًا للتقسيم، محذرًا في الآن ذاته من تداخل تهديدات داخلية وخارجية غير مسبوقة تواجه الجزائر.
وفي قراءة تحليلية، اعتبر شوقي بن زهرة، ناشط سياسي جزائري مقيم بفرنسا، أن مواقف الأحزاب تعكس بالأساس توجه النظام الجزائري، مضيفًا أن ما بعد 14 دجنبر لن يكون كما قبله، لأن الجزائر بدأت تجني نتائج دعمها التاريخي لمشاريع الانفصال في المنطقة، وعلى رأسها دعم أطروحات البوليساريو، مؤكدا أن ما يحدث اليوم هو انعكاس مباشر لسياسات قصيرة النظر وقراءة خاطئة للتحولات الجيوسياسية.
