بقلم : الأستاذ محمد عيدني
ابتعد الزواج في السنوات الأخيرة عن معناه الأصيل في الإسلام، بعدما تحوّل عند كثيرين إلى مهرجان للتفاخر والتباهي بدل أن يكون ميثاقًا غليظًا يقوم على المودة والرحمة.
فبدل أن يُبنى على البساطة والنية الصادقة، صار بعض الأزواج يقيسون فرحتهم بكمية الذهب والمصاريف، ويتباهون أمام الناس بما امتلكوه لا بما جمع الله بينهم عليه من حب وتفاهم.
وقد جاء الإسلام ليجعل الزواج عبادة وسُنّة نبوية، لا ساحة للمنافسة أو المقارنة. قال الله تعالى:
“وَمِنْ آيَاتِهِ أَنْ خَلَقَ لَكُم مِّنْ أَنفُسِكُمْ أَزْوَاجًا لِّتَسْكُنُوا إِلَيْهَا وَجَعَلَ بَيْنَكُم مَوَدَّةً وَرَحْمَةً.”
لكن الواقع اليوم يعكس فجوة مؤلمة بين هذا المفهوم الرباني وبين الممارسة الاجتماعية. فقد غلبت المظاهر على القيم، وصار المهر والمصاريف والذهب شرطًا أساسيًا قبل التفكير في السكن والمودة.
ولم يترك النبي ﷺ الأمر دون توجيه، بل قال بوضوح:
“أعظم النكاح بركة أيسره مؤونة.”
أي أن البركة لا تأتي من البذخ والترف، بل من البساطة والنية الخالصة، ومن بيتٍ تُبنى جدرانه على الاحترام والرحمة لا على المظاهر الكاذبة.
واليوم، ومع ارتفاع تكاليف الأعراس وشروط الزواج، تتزايد حالات العزوف وتأخر الزواج بين الشباب، لأن بعض الأسر جعلت الزواج صفقة اجتماعية بدل أن يكون سَكنًا نفسيًا وروحيًا.
إن العودة إلى روح الإسلام في الزواج ليست ترفًا فكريًا، بل ضرورة مجتمعية، لأن الزواج المبارك هو الذي يجمع القلوب قبل الجيوب، ويُبنى على التقوى قبل الذهب، ويزدهر بالحب قبل المظاهر.