يأتي بلاغ النقابة الوطنية للصحافة المغربية في سياق وطني دقيق، عقب الخطاب الملكي السامي الذي ألقاه جلالة الملك محمد السادس بمناسبة افتتاح السنة التشريعية الجديدة، وهو خطاب تميّز برؤية استراتيجية عميقة، ركّزت على مكانة الإعلام في ترسيخ الثقة بين الدولة والمجتمع، وفي حماية الاختيار الديمقراطي وتقوية جسور التواصل المؤسساتي والمواطني.
لقد عبّرت النقابة الوطنية للصحافة المغربية، من خلال بلاغها، عن تثمينها الكبير للمضامين الملكية، معتبرة أن الخطاب أعاد التأكيد على أن الإعلام ليس ترفًا مؤسساتيًا، بل ركيزة أساسية لأي تحول ديمقراطي وتنموي حقيقي. وانطلاقًا من هذا الوعي، وجّهت النقابة مجموعة من الرسائل المعبّرة التي تمزج بين الانخراط الوطني والمرافعة المهنية.
أولاً، أكدت النقابة على أن الإعلام الوطني مدعو إلى التحلي بأقصى درجات المهنية والحياد، من خلال نقل نبض المجتمع بموضوعية، وتسليط الضوء على قضاياه الحيوية كالتعليم والصحة والشغل والسكن. كما شددت على ضرورة أن يبقى الصحفيون في خدمة المصلحة العامة، بعيدًا عن منطق الإثارة أو التبخيس أو التضليل، انسجامًا مع روح المسؤولية المشتركة التي أشار إليها جلالة الملك.
ثانيًا، اعتبرت النقابة أن الثقة في الجسم الصحافي الوطني تمثل اليوم حجر الزاوية في تعزيز قيم المواطنة، وأن دعم الصحافة المستقلة والمهنية هو شرط لإعادة الاعتبار لدور الإعلام كقوة اقتراحية ترافق السياسات العمومية وتقرّبها من المواطن.
وفي الجانب المؤسساتي، دعا البلاغ إلى فتح نقاش وطني واسع حول تأهيل الإعلام الوطني العمومي والخاص، بما يضمن له الاستقلالية والنجاعة والتطور، ويكفل للصحفيات والصحفيين حقوقهم المهنية والاجتماعية، من خلال اتفاقيات جماعية عادلة وبرامج تكوين مستمر. كما شددت النقابة على أن أي إصلاح حقيقي للمشهد الإعلامي يجب أن يتم في إطار تشاور واسع مع المهنيين، وبروح تشاركية تضع الحماية القانونية والاجتماعية للصحافيين في صلب أولويات الإصلاح.
وفي ختام البلاغ، طالبت النقابة الحكومة بتصحيح المسار التشريعي لمشروع قانون 25/26 المتعلق بإعادة تنظيم المجلس الوطني للصحافة، مع ضرورة إطلاق حوار شامل حول الترسانة القانونية المؤطرة للقطاع، بما في ذلك قانون الصحافة والنشر، والقانون الأساسي للصحافي المهني، والاتفاقية الجماعية. كما دعت إلى وقف متابعة الصحافيين بالقانون الجنائي، واعتماد قانون الصحافة والنشر كإطار حصري، مع تكريس حق الرد كآلية أساسية قبل أي متابعة قضائية.
وبروح المسؤولية الوطنية، أعلنت النقابة استعدادها للانخراط الفعّال في أي مسار إصلاحي وطني يروم النهوض بإعلام مهني، حر، ومسؤول، يجسد الرؤية الملكية الداعية إلى بناء الثقة، وترسيخ التواصل الصادق بين الدولة والمجتمع، بما يعزز مناعة الوطن ويخدم مشروعه الديمقراطي والتنموي.