أكد وزير التعليم العالي والبحث العلمي والابتكار، عز الدين ميداوي، أمس الثلاثاء، أن البحث العلمي في المغرب لم يكن ممأسساً بشكل كافٍ بموجب القوانين السابقة، ولكن مشروع القانون رقم 59.24 خصّص باباً كاملاً للبحث العلمي والابتكار، متطرقاً لبنياته وهياكله، كما استهدف خلق جيل جديد من الموارد البشرية، غير أن الجامعات المغربية لا تزال لا تنضبط للمعايير الدولية في هذا المجال.
وخلال الجلسة العامة للأسئلة الشفهية بمجلس المستشارين، أوضح ميداوي أن البنيات الجديدة ستكون ممأسسة وستصدر قراراتها في الجريدة الرسمية للمملكة، بالإضافة إلى ذلك، أُحدث القانون الجديد إطاراً للباحث ما بعد الدكتوراه، والباحث المنتسب، والأستاذ أو الباحث غير المغربي، ومهندس البحث، فضلاً عن نظام الباحث الذي لم يكن متوفراً سابقاً. وفي سياق متصل، كشف الوزير عن عزم الوزارة إحداث مؤسسات متخصصة بالبحث العلمي فقط، لا تمنح دبلومات وإنما تعمل على مواضيع استراتيجية لتعزيز السيادة الوطنية.
وبخصوص تأثير الذكاء الاصطناعي على مستقبل التعليم العالي، شدد ميداوي على ضرورة “التفكير جماعياً” في هذه الثورة، مضيفاً أن الوزارة قررت إحداث هيئة للتفكير ومعالجة الموضوع بالاستناد إلى المعايير الدولية وتجارب الدول الأخرى وكيفية مواجهتها للتحديات التي يطرحها الذكاء الآلي. وفي انتظار بلورة هذه الرؤية، قامت الوزارة بتنزيل بيداغوجية مبتكرة ترتكز على تنويع أنماط التدريس لتبسيط الذكاء الاصطناعي وتوسيع التكوين فيه وفي علوم البيانات والرقمنة، بهدف إعداد جيل جديد من الكفاءات لمواكبة تقنيات المستقبل، كما تم إحداث مركز الابتكار في الأمن السيبراني بالتعاون مع وزارة الدفاع الوطني ووزارة المالية. وأشار ميداوي كذلك إلى دمج الذكاء الاصطناعي في التكوين من خلال وحدتين في مسار الإجازة، وثلاث أو أربع وحدات في سلك الماستر، مؤكداً اعتماد 550 مسلكاً في الرقمنة و65 مسلكاً في الذكاء الاصطناعي، ورقمنة 147 وحدة، وتأهيل 600 أستاذ جامعي لمواكبة هذا التحول.
وانتقل الوزير للحديث عن موضوع الأنوية الجامعية والكليات متعددة التخصصات، مؤكداً أن الوزارة لديها رؤية واضحة للرد على إشكاليات الاستقطاب المفتوح، وبدأت في تنفيذها، مشيراً إلى أن التوجه لن يقتصر على تكوينات مبتكرة أو مواكبة لسوق الشغل، بل سيتجه لخلق جيل جديد من المؤسسات. وفي هذا الصدد، أشار الوزير إلى نية توسيع العرض الجامعي بجهة درعة تافيلالت، حيث أكد أن الوزارة تملك رؤية واضحة بخصوص جامعة الراشيدية، وسوف يرتفع العرض الجامعي هناك من 3 إلى 5 أو 6 مؤسسات جامعية، مشدداً على أن هذا الأمر وكل ما يتعلق بالخريطة الجامعية مرهون بالمصادقة على مشروع قانون التعليم العالي رقم 59.24.
وفيما يخص المخطط الوطني لتسريع تحول منظومة التعليم العالي والبحث العلمي والابتكار، أكد ميداوي أن الوزارة تعمل ضمن إطار مرجعي ثابت يرتكز على الخطب الملكية والقانون الإطار واستمرارية السياسات العمومية والمراجع الدولية، وذكر أنه تم إجراء تقييم شمولي ودقيق في إطار مقاربة تشاركية، معتبراً أنه لو كانت هناك استمرارية للسياسات العمومية لما كانت هناك حاجة للتحيين. وأوضح أن أغلب أوراش الإصلاح الجامعي انطلقت سنة 2009، وشهدت بعد ذلك “القطيعة الأولى فالثانية”، لذلك تم إحداث آليات استراتيجية في مشروع القانون 59.24 لتعزيز استقلالية الجامعات وضمان استمرارية السياسات العمومية، وانتهى تقييم الوزارة لهذه السياسات بالحفاظ على ما هو صائب وإصلاح ما يتعين إصلاحه.
