يبرز المغرب، تزامنا مع إحياء اليوم الدولي للحياد في 12 دجنبر، كنموذج لدولة نجحت في توظيف حيادها الإستراتيجي داخل القارة الإفريقية لبناء جسور الثقة وتعزيز الشراكات، بعيدا عن منطق التدخل في الشؤون الداخلية أو الانخراط في صراعات النفوذ.
ويؤكد مهتمون بالسياسة الخارجية أن هذا النهج، القائم على احترام القانون الدولي ومبادئ الأمم المتحدة، مكّن الرباط من ترسيخ موقعها كفاعل موثوق ووسيط نزيه في عدد من الأزمات الإفريقية، وأسهم في تحصين علاقاتها الخارجية من التجاذبات الإقليمية والدولية.
وفي هذا السياق، أوضح لحسن أقرطيط، أستاذ العلاقات الدولية، أن السياسة الخارجية المغربية تستند إلى مبدأي عدم التدخل وحسن الجوار، مشيرا إلى أن تبني الحياد والوساطة جعل المملكة تحظى بثقة متزايدة لدى شركائها الأفارقة والدوليين، وأهلها للعب أدوار وازنة في ملفات معقدة، من ضمنها الأزمة الليبية وقضايا الساحل والصحراء.
وأضاف المتحدث أن هذا التوجه عزز مصداقية المغرب الدولية، بالنظر إلى التزامه التاريخي بالدبلوماسية السلمية، وحرصه الدائم على تسوية النزاعات عبر الحوار، مع تسجيل إشادات دولية واسعة بهذا النهج المتوازن الذي يحترم سيادة الدول ووحدتها الترابية.
ومن جانبه، اعتبر البراق شادي عبد السلام، محلل سياسي، أن الحياد المغربي يشكل ركيزة أساسية لبناء نموذج شراكة إفريقية فريد، يرتكز على التعاون جنوب-جنوب، ويستند إلى الرؤية الملكية التي جعلت من التنمية المشتركة والتضامن العملي أساسا للسياسة الإفريقية للمملكة.
وأشار المحلل ذاته إلى أن هذا الحياد الإيجابي لا يعني الانكفاء، بل يتيح للمغرب التحرك بمرونة كشريك موثوق، معتمدا على روابط تاريخية وروحية عميقة، ومترجما ذلك عبر مشاريع تنموية كبرى، من قبيل المبادرة الملكية لولوج دول الساحل إلى المحيط الأطلسي، ومشروع أنبوب الغاز نيجيريا-المغرب.
وفي ضوء هذه المقاربة، يخلص متابعون إلى أن الحياد المغربي بات أداة فعالة لتعزيز الأمن والتنمية في إفريقيا، ونموذجا بديلا للشراكات المشروطة، بما يخدم مصالح الشعوب الإفريقية ويكرس حضور المملكة كفاعل إقليمي متوازن ومسؤول.
