يتجه المغرب نحو تحيين مبادرة الحكم الذاتي عبر الاستفادة من تجارب دولية في تنظيم الأقاليم، وفي مقدمتها التجربة الإسبانية، تمهيدا لعرض صيغة محدثة لمقترح سنة 2007 تنسجم مع القرار الأممي 2797، وفق ما كشفته صحيفة “إلباييس” الإسبانية.
وأفادت الصحيفة بأن هذا التوجه يندرج ضمن دينامية سياسية جديدة تضع مبادرة الحكم الذاتي في صلب مسار البحث عن تسوية نهائية للنزاع حول الصحراء المغربية، باعتبارها الإطار الأكثر واقعية وقابلية للتطبيق كما يصفها مجلس الأمن الدولي.
وفي هذا السياق، باشر المغرب دراسة نماذج متقدمة للحكم الذاتي المعمول بها في عدد من الدول، وعلى رأسها النموذج الإسباني، الذي يوازن بين الخصوصيات الجهوية ووحدة الدولة، وذلك بهدف بلورة تصور مؤسساتي يمنح ساكنة الأقاليم الجنوبية صلاحيات موسعة في تدبير شؤونهم المحلية، مع الحفاظ على الانسجام الدستوري والمؤسساتي للمملكة.
وبالمقابل، تؤكد الرباط أن مشروع الحكم الذاتي يظل تصورا مغربيا خالصا، لا يقوم على استنساخ تجارب خارجية، بقدر ما يستند إلى الشرعية التاريخية وخصوصية المجتمع الحساني، وإلى سياق دولي يتزايد فيه الطلب على حلول سياسية واقعية ودائمة، مع رفض أي آليات وصاية أو إشراف خارجي تمس بالسيادة الوطنية.
وفي تصريح صحفي، أوضح رمضان مسعود العربي، عضو المجلس الملكي الاستشاري للشؤون الصحراوية، أن الاستفادة من التجارب الدولية في مجال الحكم الذاتي تبقى أمرا إيجابيا لإغناء النقاش، مشددا على أن أي تطوير للمبادرة المغربية يجب أن يظل منسجما مع الخصوصية الدستورية والمؤسساتية للمملكة ومع أسس مقاربتها في تدبير أقاليمها الجنوبية.
وأضاف المتحدث أن رفض المغرب لأي آلية دولية للإشراف على تنفيذ الحكم الذاتي يعكس منطق السيادة الذي يحكم التصور المغربي، مبرزا أن المجتمع الدولي منح ثقته للمملكة باعترافه بجدية ومصداقية المبادرة، وأن تنزيل أي نموذج مستقبلي سيتم في إطار تفاوض مباشر تحت رعاية الأمم المتحدة دون وصاية خارجية.
وفي قراءة مغايرة، اعتبر السالك رحال، الناطق الرسمي باسم حركة “صحراويون من أجل السلام”، أن التجربة الإسبانية في الحكم الذاتي، خاصة في إقليمي كاطالونيا والباسك، تشكل نموذجا متقدما يمنح استقلالية واسعة في التسيير المالي والإداري، مع الحفاظ على رمزية الدولة، وهو ما قد يوفر حماية أكبر للمبادرة المغربية من الانتقادات الخارجية.
وخلص المتحدث إلى أن استلهام المغرب من التجربة الإسبانية قد يفتح آفاقا جديدة لحكم ذاتي متطور يوازن بين الاستقلالية المحلية والالتزامات السيادية، شريطة دراسة دقيقة للتحديات الدبلوماسية والمؤسساتية المرتبطة بهذا الخيار.
