بدأت موريتانيا خطوات عملية لتحديث عقيدتها الدبلوماسية بما يتلاءم مع التحولات السياسية والاقتصادية والأمنية التي يشهدها المحيط الإقليمي، في مسعى لتعزيز حماية مصالحها القومية واستقرارها الداخلي، وفق تصريحات رسمية وتحليلات خبراء.
وفي هذا الإطار، وجه محمد سالم ولد مرزوك، وزير الخارجية الموريتاني، مراسلة للدبلوماسيين العاملين في الإدارة المركزية والبعثات بالخارج، دعاهم فيها إلى تقديم مقترحات تساهم في إعداد العقيدة الدبلوماسية الجديدة، والتي تهدف إلى ضبط سلوك السياسة الخارجية بما يضمن انتظام التوجهات وتماسك القرار على الساحة الدولية.
ويشير خبراء إلى أن موريتانيا ستواصل تبني سياسة الحياد الإيجابي في ملف الصحراء المغربية، دعماً للمسار التفاوضي الأممي المبني على مخطط الحكم الذاتي تحت السيادة المغربية، مع إدارة تداعيات النزاع بما يحافظ على أمنها القومي وتوازنها الإقليمي.
وأكد نائب رئيس حزب “الصواب”، أحمد ولد عبيد، أن تحديث العقيدة الدبلوماسية مرتبط بتحولات عميقة تشمل انهيار أطر التعاون التقليدية في الساحل، تصاعد الحكم العسكري، تغيّر خرائط التحالفات الإقليمية، وتنافس القوى الكبرى مثل الصين والولايات المتحدة وروسيا، ما يتطلب سياسة خارجية براغماتية متعددة المسارات.
وشدد خبراء آخرون على أن العقيدة الموريتانية الجديدة ستستند إلى منطق الوقاية والاستباق أكثر من المبادرة السياسية، مع تعزيز التعاون الثنائي والمتعدد وفق الظرف، وتنويع الشركاء الإقليميين، خصوصاً في مجالات الطاقة والمعادن والبنية التحتية، مع الحفاظ على استقلالية القرار وعدم الانجرار إلى صراعات جانبية.
وفيما يخص قضية الصحراء المغربية، يرى محمد عطيف، أستاذ العلاقات الدولية، أن تحديث السياسة الخارجية سيضمن موقفاً متوازناً يحافظ على حياد نواكشوط الاستراتيجي، ويتيح لها المساهمة بشكل إيجابي في مفاوضات وآليات حوار تتماشى مع قرار مجلس الأمن رقم 2797، بما يوازن بين المصالح الوطنية والاستقرار الإقليمي.
