أثار حضور مواطنين جزائريين في احتفالات الذكرى الخامسة عشرة لاندلاع الثورة التونسية، التي أطاحت بحكم زين العابدين بن علي، موجة انتقادات واسعة في صفوف المعارضة، بعدما اعتُبر ذلك مساسا بالسيادة الوطنية، ودليلا على عجز السلطة عن حشد أنصار حقيقيين من الداخل في ظل تراجع الحاضنة الشعبية لسياسات قيس سعيد.
وفي هذا السياق، اعتبر معارضون أن اللجوء إلى فاعلين من خارج البلاد خلال احتفالات الثورة يعكس ابتعاد السلطة عن شعارات “ثورة الحرية والكرامة”، مؤكدين أن ما جرى يشكل محاولة لإظهار دعم شعبي مصطنع لا يعكس حقيقة المزاج العام في تونس.
ومن جهته، قال محمد الأسعد عبيد، الحقوقي التونسي المعارض والأمين العام للمنظمة التونسية للشغل، إن قيس سعيد “تدخل وغيّر رمزية ذكرى الثورة من 14 يناير إلى 17 دجنبر، بحثا عن التميّز”، مشيرا إلى أن السلطة لم يعد لها سوى أنصار قلائل في الداخل، ما دفعها، حسب تعبيره، إلى الاستقواء بالخارج.
وأضاف عبيد أن الطريق الرابط بين الجزائر وتونس شهد، ليلة 17 من الشهر الجاري، حركة غير عادية، مع توافد عشرات الحافلات التي تقل مواطنين جزائريين جرى نقلهم إلى العاصمة للمشاركة في مسيرة بشارع الحبيب بورقيبة، في محاولة لإظهار صورة مغايرة عن الواقع السياسي والشعبي في البلاد.
وشدد المتحدث ذاته على رفضه ما وصفه بـ“التدخل الجزائري في الشأن الداخلي التونسي”، معتبرا أن حضور الجزائريين لم يكن عفويا، بل يندرج في إطار إيهام متعمّد للرأي العام الداخلي والخارجي، في وقت يتجه فيه الوضع السياسي والحقوقي في تونس نحو مزيد من الغموض.
وفي سياق متصل، حذر عبيد من تدهور المشهد الحقوقي، معتبرا أن القضاء تم توظيفه لتصفية الحسابات السياسية، وأن السجون باتت تضم أعدادا غير مسبوقة من سجناء الرأي، داعيا إلى إطلاق حوار وطني شامل للمصالحة وتجاوز حالة الجمود السياسي والمؤسساتي التي تعيشها البلاد.
