حذّرت دراسة حديثة من ترسيخ ما وصفته بنهج “المواطنة من درجتين” في المملكة المتحدة، مشيرة إلى أن السياسات المعتمدة من طرف الحكومات المتعاقبة في لندن باتت تمنح السلطات صلاحيات واسعة لسحب الجنسية البريطانية، ما يعرّض ملايين المواطنين، خصوصا من المسلمين وذوي البشرة الملوّنة، لخطر فقدان جنسيتهم.
وأفادت الدراسة، التي أنجزتها مؤسستا Runnymede Trust وReprieve، بأن ما يصل إلى تسعة ملايين شخص مهددون بسحب الجنسية البريطانية، بزيادة ثلاثة ملايين عن التقديرات السابقة، مؤكدة أن الأشخاص من غير البيض معرضون لهذا الخطر بمعدل يفوق نظراءهم البيض باثني عشر ضعفا.
وأوضحت أن القوانين الحالية تخوّل لوزير الداخلية سحب الجنسية إذا اعتبر ذلك “في الصالح العام”، سواء تعلق الأمر بحاملي الجنسية المزدوجة أو بالمجنسين الذين يُعتقد أن بإمكانهم المطالبة بجنسية ثانية، حتى وإن لم يفعلوا ذلك فعليا.
وأضافت الدراسة أن قانون الجنسية والحدود يمنح وزير الداخلية سلطة سحب الجنسية دون إشعار مسبق، بينما يسمح قانون أوامر سحب الجنسية، الذي أُقر في أكتوبر 2025، باستمرار سحب الجنسية حتى في حال إقرار القضاء بعدم قانونية القرار، إلى حين استنفاد جميع طعون الحكومة، وهي مسطرة قد تمتد لسنوات.
وبيّنت المعطيات أن نحو 13 في المائة من سكان المملكة المتحدة معرضون لسحب جنسيتهم، وترتفع هذه النسبة إلى أكثر من 60 في المائة لدى البريطانيين السود والآسيويين وذوي الأعراق الأخرى، مقابل 5 في المائة فقط لدى البريطانيين البيض، معتبرة أن هذا التفاوت يعكس طابعا تمييزيا واضحا.
وأكدت الدراسة أن سحب الجنسية لأسباب تتعلق بـ“الصالح العام” يعد تطورا حديثا يعيد إلى الواجهة ممارسات جرى التخلي عنها بعد الحرب العالمية الثانية، لما تحمله من تعارض مع سيادة القانون، مبرزة أن أغلب من جُرّدوا من جنسيتهم منذ 2010 ينتمون إلى الجاليات المسلمة ذات الأصول الآسيوية أو الشرق أوسطية أو شمال إفريقية.
وفي هذا السياق، قالت Shabna Begum، المديرة التنفيذية لـRunnymede Trust، إن ملايين البريطانيين يعيشون اليوم تحت تهديد فقدان جنسيتهم بقرار إداري، محذرة من غياب ضوابط فعالة تحول دون التوسع في استخدام هذه الصلاحيات.
ومن جهتها، اعتبرت Maya Foa، المديرة التنفيذية لمنظمة Reprieve، أن توسيع هذه السلطات السرية يثير قلقا عميقا، خاصة في ظل المناخ السياسي الحالي، مؤكدة أن معاملة مواطنين بريطانيين كمواطنين من الدرجة الثانية تمس جوهر مبدأ المساواة أمام القانون.
